لا يهمّ إذا كان طفلك يحب النوم في وقت مبكّر أو في ساعة متأخرة، بل ما يهمّ أن يحصل على عدد ساعات النوم التي يحتاج إليها وهذا شرط ضروري لنموه المتكامل رويداً رويداً.
لا شك في أن النوم حاجة ضرورية للجميع وبخاصة الأطفال. يعوّض النوم عن الجهد الجسدي والفكري والعصبي الذي تكبدناه خلال النهار، ويحفّز وظائف الأطفال الفكرية والجسدية والنفسية كالحفظ والتعلم. فضلاً عن ذلك يبدأ الطفل في الأشهر الأولى بعد ولادته بتحديد نظام النوم الذي سيعتمده في مرحلة البلوغ.
عند الولادة... نوم قليل
تتحدد نوعية نوم الطفل منذ مرحلة تكوّنه جنيناً. تلاحظ الأم حينها أن الجنين في بطنها يمر بفترات من الحركة والهدوء رغم أن نومه غير مرتبط بنومها. بعد ولادته مباشرة ينام الطفل 16 ساعة يومياً، غير أن دورة النوم التي يمر بها قصيرة وتتراوح بين 50 و60 دقيقة مقابل 90 دقيقة للبالغين وتتضمن فترات من النوم المضطرب وأخرى من النوم الهادئ. لكن المواليد الجدد لا يميزون بين الليل والنهار ويمتد نومهم على فترات تقدر كل منها بثلاث ساعات أو أربع.
بين الليل والنهار
يتبدل نوم الطفل بسرعة عندما يصبح في شهره الثالث ويختبر شيئًا فشيئًا مركبات نوم البالغين ومنها: القدرة على التمييز بين الليل والنهار، اعتدال الحرارة، وتيرة القلب والتنفس والإفرازات الهورمونية، فتطول فترات نومه ليلاً على سبيل المثال. وإذا كان المولود الجديد ينام 6 ساعات متواصلة، يمكن لطفل يتراوح عمره بين الثلاثة والستة أشهر أن ينام 9 ساعات متتالية. بشكل عام يبدأ الطفل بالتمييز بين الليل والنهار قبل أن يصبح في شهره السادس ويعتمد هذا الأمر أيضاً على عدة عوامل خارجية منها: الوجبات المنتظمة وأوقات اللعب والنزهات وساعات النوم وغيرها. تختلف هذه العادات من طفل إلى آخر وتختفي فترات النوم المضطرب بينما تكثر تلك الأكثر استقراراً وعمقاً.
من 6 أشهر إلى 4 سنوات تقل تدريجياً ساعات نوم الطفل خلال النهار وينتقل من أخذ 3 إلى 4 فترات من القيلولة خلال اليوم في شهره السادس، إلى قيلولتين بعمر السنة ثم قيلولة واحدة عندما يصبح بعمر السنة والنصف. كذلك تقلّ رويداً رويداً فترات النوم ما بين شهره السادس وعامه الرابع لتبلغ 12 ساعة ما بين الثلاث والخمس سنوات. عندئذٍ يصبح نوم الطفل أقرب إلى نوم البالغين.
يتسلل إلى سرير والديه
لا يمكن للأهل أن يكونوا لا مبالين عندما يراود كابوس ما طفلهم، فهو يبكي ويرتعش ولا يهدأ إلاّ إذا نام في سرير والديه. ماذا يفعل الأهل في هذه الحالة؟
عندما يبلغ الطفل عامه الثاني، سيواجه في معظم الأوقات صعوبات في النوم ويعرب عن رغبته بالنوم في سرير والديه. ففي هذه السن ينفصل الطفل عن أمه نوعاً ما خلال النهار. لكن عندما يحين وقت يعاوده الحنين الى حضن أمه مجدداً إذ ليس من السهل عليه أن يصبح مستقلاً. هنا تبرز حاجته إلى الأمان الذي نعم به في المرحلة الأولى من طفولته، وبما أنه يخاف من النوم وحده يتسلل إلى سرير والديه ليشعر بالطمأنينة والأمان.
إستناداً إلى ما تقدم، إذا كان طفلك يعاني بالفعل من كوابيس ليلية وهو في حاجة إليك لتخففي عنه، يمكنك أن تفعلي ذلك وتشعريه أن من حقه في حالات استثنائية، في اللجوء إلى فراشك الزوجي، شرط ألا يبقى طويلاً. عليك أن تخبريه أن الأهل بحاجة ليكونوا على انفراد وعليه ألا يشعر بالغيرة في هذه الحال. تكمن صعوبة في هذه المسألة في جعل الطفل يحترم خصوصية والديه من دون أن يشعر بالإهمال.
فضول الطفل
أمام الطفل عالم بأكمله ليكتشفه وهو لا يكف عن مراقبة ما يحيط به ومحاولة فهم ما يقوم به البالغون. يجول في خاطره عدد من التساؤلات منها: هل تحب أمي أبي كما تحبني؟ لمَ يرغب والداي في البقاء وحدهما؟ ماذا يفعلان عندما يغلقان باب غرفتهما؟ كلها اسئلة تثير فضوله إلى أقصى حد.
عقده أوديب
يرفض الطفل في معظم الأحيان احترام خصوصية والديه وتقبل الحميمية بينهما لأنه يخاف من البقاء وحده في السرير. لذلك يحاول اختبار تأثيره عليهما. إذا كان صبياً سيرغب في أن يحل محل والده في السرير والعكس إذا كانت فتاة. على الأهل عدم الخضوع إلى رغبات الطفل كي يدرك أنه ليس وحده وعليه احترام الآخرين. إذا أعرب أحد الوالدين بشكل واضح عن رفضه الخضوع لرغبات الطفل، على الآخر مجاراته ليفهم الطفل أن والديه ليسا ملكاً له وأنهما يتشاركان الرأي في هذه المسألة.
بدءًا من العام الرابع على الوالدين أن يفهما طفلهما أنه لا يستطيع النوم في سريرهما. يساعده هذا الأمر في تخطي عقدة أوديب: «والدتك أو والدك ليس ملكاً لك» هكذا يعرف حدوده التي لا بُدّ منها كي ينمو بشكل سليم ويكوّن شخصيته.
نشاط متزايد
ما بين 4 و12 عاماً يستنفد الطفل كثيراً من الطاقة خلال اليوم وينام بسرعة في المساء وتصبح فترات نومه تدريجاً أقل من 12 ساعة يومياً. في هذه المرحلة انتبهي إلى مشاكل قد تظهر لدى طفلك وخصوصاً في ما يتعلق بساعات النوم في النهار وعدد فترات قيلولته ومدتها، فمن الضروري أن تساعديه على إعادة تنظيم أوقات نومه لتتناسب مع عمره.